اليوم سأتناول نقطة أنا متأكد من أنها تشغل كثير من التجار بعد تعديهم مرحلة إثبات الوجود . لأننا قبل ذلك معروف أن الواحد منا يكون مشغول بغلق حلقة النشاط بما يحقق الربح الذي يمكنه من الإستمرار ، أما بعد تتحقق هذه النتيجة سرعان ما نكتشف أننا نعيش مأزق ربما أكبر من مأزق البطالة .. حين ذاك يجد معضمنا أنفسهم مكبلين بضغوطات العمل و مجموعة من الإلتزامات إلى درجة أن الغاية التي يفترض أنها تدفع أي إنسان نحو العمل و جمع المال ، نكتشف أنها لم تتحقق و لو بالحد الأدنى .
حينها يكتشف الواحد منا أنه صار عبدا لتجارته حيث أنه لم يعزّي إبن عمه في والده المتوفي حديثا ، و لم يرتاح ثلاثة أيام متتالية منذ ثلاث سنوات أو أكثر.. إلى درجة أنه صار ينسى أحينا اليوم الذي يعيشه ، إن كان الإثنين أو الثلاثاء ، و أن جذور مشاكله الإجتماعية تجاه أهله مردّها لهذه الوتيرة المجنونة التي يمارس بها عمله ، و أنه لم يعد يولي لعبادة ربه و لو عشر الإهتمام الذي يوليه لتجارته ، و أن حبه للشعر صار في خبر كان ، و أنه تنازل عن حقه في أن يكون له مثل خلق الله نشاط ثقافي أو سياسي يشعر من خلاله أنه ما يزال ينتمي لفصيلة بني الإنسان.
أما الطامة الكبرى فتتمثل في بروز مستجدات ظاهرها عسل و باطنها سم . فالتاجر و نظرا لأنه يبدأ يحقق مكاسب مادية تجعله محط أنظار بعض الأفراد المحيطين به ، نظرا لذلك فهو يبدأ يتلقى عروضا تغريه بتوسيع مداخيله ، فهذا صديق يعرض عليه رأس مال كبير ليستثمره معه بالشراكة ، و هذا تاجر جملة يعرض عليه تطوير تجارته إلى البيع بالجملة حيث يعده بأنه سيتحمل معه أعباء التمويل ، و عوضا أن يساعده ذلك في إيجاد حل لمشاكه القديمة يجد نفسه يغرق في مستنقع أكبر.
سأتوقف عند هذا الحد على أمل الرجوع للموضع في تدوينة أخرى لإكمال الفكرة و محاولة الخروج بحلول.