نداء استغاثة : إلى الرَّاغبين في معـالجة ظـاهرة التطـرُّف الفكري والعنف لدى الشباب، إلى ناشدي الأمن والأمان في المجتمعات الإسلامية، إلى محبِّي جمع صف المسلمين في مشـارق الأرض ومغـاربها، إلى صـانعي المعروف والباحثين عن الصدقة الجـارية، إليكم أيها السادة: هذه الدعوة المتواضعة من غيور على وحـدة الكلمة ورأب الصَّـدع ولَم شمل المسلمين، للمسـاهمة في إيصال هذه الرسالة إلى المسلمين كافة.
مقدمة الطبعة الأولى : كثر الحديث عن الفرقة الناجية، وثار حولها جدل كبير، مما جعل بعض الجماعات الإسلامية تضفي على نفسها هذه الصفة دون غيرها، لتحتكر الحق والصواب، ولتجعل من نفسها الناطق الرسمي باسم الإسلام، وأما غيرها من الأمة فليس لـه وجود، ويجب فكرياً أن يعدم، ووجـوده ينبغي أن يتـلاشى . إن هذه الممارسات الجائرة والظالمة تتشح بوشاح الدين، وتتحصَّن باسم الإسلام، إن الخلل في الأمة سببه تلك النظرة الفوقية لبعض الجماعات الإسلامية، فكل جماعة تدعِّي لنفسها أنها هي جماعة المسلمين فقط، وأما ما عداها فهو من الفرق الهالكة أو الضالة، حتى ولو كان عالماً إسلامياً كبيراً لـه جهوده في خدمة الإسلام والمسلمين، وتصحيح النظرة ينطلق من اعتبار كل جـماعة أنها من المسلمين، وكل جماعة على ثغر من ثغور الإسلام، وهي جزء تمثل إلى جانب الجماعات الأخرى كُلاً إسلامياً، وكل جماعة تقوم بجهود عظيمة في خدمة الإسلام، فتضافر هـذه الجهود لـه أكبر الأثر في تقدم المسلمين وازدهارهم وانتصارهم، لهذا أردتُ أن أجلّي حقيقة حديث افتراق الأمة، وأن الحديث لا دخل له في تمزيق الأمة، كما صوَّر ذلك بعض طلبة العلم، بل الحديث يدعو كل المسلمين إلى التماسك والتضامن من خلال جعل الفرقة الناجية هي كل المسلمين، وليس كما توهمه قلة من أفراد الأمة، ويصرُّون على أن أفراد الفرقة الناجية قليلون جداً لهم علامتهم المسجَّلة وشكلهم المتميِّز، وكل من ليس منهم فهو عدو لدود لهم بل عدو لله ولرسوله حسب زعمهم.
إن هذه النظرة التي تتسم بِحَوَلٍ فِكْرِيٍّ، وفتنة في القلب، مع لباس الزور والبهتان بأن انطلاقتهم هذه من الكتاب والسنة، ويُلَبِّسُون على العامة بالعبارات الضخمة والألفاظ الخلابة.وأقـول: هل من السنة الحكم على الغالبية العظمى من المسلمين بأنهم من أهل النار؟ هل من السنة تكفير من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله؟ هل من السنة التنطع في دين الله، والمغالاة فيه، وتضييق دائرة الحلال حتى الاختناق، وتوسيع دائرة الحرام؟ إن سنة النبي صلى الله عليه وسلم قدرت على إحياء أجيال بدلت الأرض غير الأرض، وحطَّمتْ إمبراطوريات ذاهبة في الطول والعرض، كانت قائمة على الضلال والظلم، إن سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنعشت جماهير كانت في غيبوبة فأطلقتها تسعى، فعرفتْ المنهج والغاية، فجمعت بين المسلمين، ورحمت المساكين، ونـاصرت الضعفـاء، والمظلومين، وأوجدت أمة كانت كالجسد الواحد، تعيش قضية واحدة، تدافع من أجلها، وتجاهد في سبيلها، إن المشكلة التي نطلب من أولي الألباب حلها، هي مناصحة نفر من الناس يرون أن الحق حكر عليهم وحدهم، وينظرون إلى الآخرين نظرة انتقاص واستخفاف، وأنهم هلكى وهم الفرقـة النـاجية فقط من دون المسلمين أجمعين، إن هذا التفكير تفكير صبياني والرسول صلى الله عليه وسلم يرد على من يتحكم بمصائر الأمة ويحكم عليها بالهلاك، بأنه هو الخاسر.
فقد جاء في صحيح مسلم حديث رقم (2623) وصحيح ابن حبان رقم (5762) وفي سنن أبي داود رقم (4983) ومسند الإمام أحمد رقم (7671) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال هلك الناس فهو أهلكُهم).كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حذرنا من الحكم على أحد من المسلمين بالكفر، أو بدخول النار، فهذا غيب، والغيب لا يعلمه إلا الله تعالى وبخاصة إذا سمعنا منه كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.فهذا أسامة بن زيد يراقب عدواً يمعن في إيصال الأذى في المسلمين، فترصد لـه حتى تمكن منه فرفـع سيفه ليقتله فقال الرجل: لا إله إلا الله، ومع ذلك قتله، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عاتب أسامة عتاباً شديداً وقال: يا أسامة كيف تقتل رجلاً يقول لا إله إلا الله؟ قال: يا رسول الله إنما قالها خوفاً من القتل، فقال صلى الله عليه وسلم: (هلا شققت عن قلبه؟) وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة كُلَّما رأى أسامة عاتبه على ذلك حتى تمنَّى أنه لو لم يسلم إلا بعد هذه الحادثة.انظر الطبراني في الكبير(18/226) وابن أبي شيبة (7/328) وجاء في كتاب حسن الظن بالله (1/54) لابن أبي الدنيا عن ضمضم بن جوس الهفاني قال: دخلت مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في طلب صاحب لي، فإذا رجل أدعج العينين، براق الثنايا فقال لي: يا يمامي أدنه، فدنوت، فقال لي: يا يمامي لا تقولن لأحد والله لا يغفر الله لك، ولا يدخلك الجنة قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا أبو هريرة، قال: قلت: قد نهيتني عن شيء كنت أقوله إذا غضبت على أهل بيتي وحشمي، قال: فلا تفعل، فإني سمعت رسول الله يقول: كان رجلان من بني إسرائيل، فكان أحدهما به رهق، والآخر عابداً، فكان لا يزال يقول ألا تكف؟ ألا تقصر؟ فيقول: مالي ولك، دعني وربي، فقال: فهجم عليه يوماً فإذا هو على كبيرة، فقال: والله لا يغفر الله لك، والله لا يدخلك الله الجنة، فبعث الله إليهما ملكاً فقبض أرواحهما، فلما قدم بهما على الله عز وجل قال الله تعالى للمذنب: ادخل الجنة برحمتي، وقال للعابد: حظرت على عبدي رحمتي، أكنت قادراً على ما تحت يدي؟ انطلقوا به إلى النار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لقد تكلم بكلمة أوبق دنياه وآخرته) أي أفسد دنياه وآخرته.وأخرج الحديث أيضاً أبو داود في سننه رقم(4901) وابن حبان في صحيحه حديث رقم(7129) وأحمد في مسنده حديث رقـم: (8272) ولذلك أنصح إخواني في الإسلام أن يكفوا عن رمي مسلم بتهمة الكفر أو فساد المعتقد أو كلمات مشابهة مثل: كلمة تالف، هالك، محترق، فكلها كلمات حرجة سيطالب صاحبها بالدليل على صحة كل ما قال أمام الله سبحانه وتعالى، وسيأتي بعض الأحاديث الواردة في بيان الفرقة الناجية، والحمد لله بجميع محامده كلها ما علمت منها ومالم أعلم، على جميع نعمه كلها ما علمت منها ومالم أعلم، عدد خلقه كلهم ما علمت منهم ومالم أعلم.
الأحاديث الواردة في بيان الفرقة الناجية : من الأحـاديث الصحيحة التي جـاءت في بيان افتراق الأمة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة) قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه (1/44). وجاء في سنن أبي داود (4/197) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة). وجاء في صحيح ابن حبان (6247) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة). فهذه الأحاديث تؤكد أن الافتراق في هذه الأمة واقع، ولكن لم نجد فيها تحديداً للناجي منها، وإنما التحديد جاء في أحاديث أخرى،منها: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي أخرجه الإمام أحمد حديث رقم (12229) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن بني إسرائيل قد افترقت على اثنتين وسبعين فرقة، وأنتم تفترقون على مثلها، كلها في النار إلا فرقة). فهذا الحديث كما نرى يحدد أن هناك فرقة ناجية فقط، بينما نجد رواية أخرى أخرجها ابن النجار وصحَّحها، وذكرها الإمام الشعراني في كتابه القيم (الموازين الذرية في بيان عقائد الفرق العلية) و العجلوني في (كشف الخفاء ومزيل الإلباس) عند حديث: (افترقت اليهود…) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الجنة إلا واحــدة،وفي رواية: (الهالك منها واحدة). ويؤكد هذه الرواية ما جاء في مستدرك الحاكم (1/47) عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد عن أبيه عن جده قال: (كنا قعوداً حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده، فقال: لتسلكن سُنَنَ مَنْ قبلكم حذو النعل بالنعل، ولتأخذن مثل أخذهم إن شبراً فشـبر، وإن ذراعاً فذراع، وإن باعاً فباع، حتى لو دخلوا جحر ضب دخلتم فيه، إلا إن بني إسرائيل افترقت على موسى على إحدى وسبعين فرقة، كلها ضالة إلا فرقة واحدة، الإسلام وجماعتهم، وإنها افترقت على عيسى ابن مريم على إحدى وسبعين فرقة، كلها ضالة إلا فرقة واحدة، الإسلام وجماعتهم، ثم إنكم تكونون على اثنتين وسبعين فرقة، كلها ضالة إلا فرقة واحدة، الإسلام وجماعتهم).هذا الحديث يدل دلالة واضحة على أن الفرقة الناجية هي كل من دخل في الإسلام وصار من جماعته، والمسلم من نطق بـ (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وهي الكلمة التي يدخل الكافر إذا نطق بها الإسلام، ويؤكد هذا المعنى الذي ذهبنا إليه ما جاء في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة). وجاء عند الطبراني في الكبير (17/13) قوله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: (ثم إنكم تكونون على اثنتين وسبعـين فرقة كلهـا في النار إلا واحدة: الإسـلام وجماعتهم). ومعنى (الجماعة) هنا: أي كل الأمة إلا من أخرج نفسه من الإسلام بمحض إرادته، أو أتى بمكفر مجمع عليه، ولذلك نجد في أحـاديث كثيرة يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى الفرقـة بلفظ: (الجماعة) المعرفة بـ(أل) التعريف، أي: جماعة المسلمين وأمة الإسلام، وليس كما يفعله بعض طلبة العلم بنقل التعريف إلى التنكير، فيقولون: (الفرقة الناجية هي جماعة من المسلمين)!، ويشغلون بال الأمة بالبحث عن هذه القلَّة القليلة، التي تحوز قصب السَّبق بالفوز بلقب الفرقة الناجية، إنه عبث ما بعده عبث، وتضييع لجهد الأمة، فبدلاً من أن تتقدم تقف لتبحث عن ذاتها، فالنص يشير إلى الجمـاعة وهي: (الملَّة الإسلامية المعروفة والمعهودة)، ولا يشير إلى (جماعة) بلفظ نكرة، والفرق بينهما واضح جداً.
وإليكم النصوص التي تعزِّز هذا المعنى، وتؤسِّسه وتؤكِّـده، وتوضِّحه: فقد جاء في سنن ابن ماجة رقم (3994) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقنَّ أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة و اثنتان وسبعون في النار، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال صلى الله عليه وسلم: الجماعة).وجاء في سنن ابن ماجة رقم (3995) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، وهي: الجماعة). وجاء في مسند الشاميين حديث رقم(988) عن عوف ابن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وإحدى وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وإحدى وسبعون في النار، والذي نفسي بيده لتفترقنَّ أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار، قيل: يا رسول الله من هم؟ قال: هم أهل الجماعة). وجاء في المعجم الكبير للطبراني (18/70) عن عوف بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، والذي نفسي بيده لتفترقنَّ أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، واحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار، قيل: يا رسول الله من هي؟ قال: الجماعة). وقد يعترض بعضهم على مفهوم (الجماعة) ويُصرُّ على جعلها هي الحفنة القليلـة والطـائفة من الأمـة، ويستدلون بالحديث الذي أخرجه الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة). فهذا الحديث لم يتطرَّق إلى مصير غير هذه الطائفة، وفي صحيح البخاري توضيح للطائفة: بأنهم: (أهل العلم) عند الحديث رقم (2667)، ولذلك فالحديث لا يَرِدُ في هذا الباب البتة، وحديثنا يتناول: الناجي من النار من الهالك فيها. وأؤكِّد وأجزم وبقوة أن الفرقة الناجية هي (الأمة بأكملها) فهي المعبَّر عنها بالسَّواد الأعظم في الأحاديث الكثيرة.فقد جاء في مصنف ابن أبي شيبة(7/544) رقم (7389) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة، وتزيدها هذه الأمة فرقة واحدة كلها في النار إلا السَّواد الأعظم، عليهم ما حمِّلوا، وعليكم ما حمِّلتُم، وإن تطيعوه تهتدوا، ما على الرسول إلا البلاغ، السمع والطاعة خير من الفرقة والمعصية، فقال له رجل: يا أبا أمامة أمن رأيك أم شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: إني إذاً لجريء، قال: بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير مرة، ولا مرتين، حتى ذكر سبعا ً). وأخرج أبو يعلى في مسنده (32/7) حديث رقـم: (3938) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قـال: (إن بني إسرائيل افترقت على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي تفترق على اثنتين وسبعين فرقة، كلها في النار إلا السَّواد الأعظم).وفي رواية أخرى عند أبي يعلى أيضاً حديث رقم(3944) وفيه: (وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلهم في النار إلا السَّواد الأعظم)، قال محمد بن بحر ـ وهو شيخ أبي يعلى ـ يعني: الجماعة. وتفسير محمد بن بحر لـ(السَّواد الأعظم) بـ(الجمـاعة) يعنى به: كل الأمة إلا من انتسب إليها وليس منها، كمَن أنكر ركناً من أركان الإسلام، أو من أَلَّه فرداً من الأفراد، ونحو ذلك من الفِرَق الخارجة بالإجماع عن الملَّة، ونصَّت المجامع الفقهيـة المعـاصرة على خروج هـؤلاء بمحض إرادتهم من الإسلام.
وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الطبراني في الكبير (8/152) عـن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأنس بن مالك أن من شرط الفرقة الناجية: عدم تكفير أحد من أهل القبلة، فقـال: (ذَرُوا المِرَاء،فإن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، و تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم على الضلالة إلا السَّواد الأعظم، قالوا: يا رسول الله ومَن السَّواد الأعظم؟ قال: مَن كان على ما أنا عليه وأصحابي، ومَن لم يُمَارِ في دين الله، ومَن لم يكفر أحداً من أهل التوحيد بذنب غُفِر لـه ـ ثم قال ـ إن الإسلام بدأ غريبـاً وسيعود غريباً، قالوا: يا رسول الله ومَن الغرباء؟ قال: الذين يُصلِحون إذا فسد الناس، ولا يمارون في دين الله، ولا يكفرون أحداً من أهل التوحيد بذنب).
فإذا رأينا مسلماً يكفر مسلماً آخر لأنه يخالفه في دعوته أو ادعاءاته، فإننا نحذره من خطورة التكفير الذي يُوقِع صاحبه في خطر الكفر، كما بين ذلك الحديث الذي جاء في صحيح البخاري رقم: (5752) الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: (مَن قال لأخيه يا كافر فقد باءَ بها أحدهما).وكذلك من رمى مسلماً بالشرك وقع فيه.
السؤال الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: (ستفترق أمتي) هل يعـني به: أمة الدعوة ؟ أم أمة الإجابة؟
للإجابة أقول وبالله التوفيق: إن أمة الدعـوة هي الأمـة المتوجَّب عليهـا الإيمان بدعـوة النبي صلى الله عليه وسلم، وتشمل كل البشرية على وجه الأرض، لأن الخطاب القرآني توجَّه إليهم وشملتهم دعوة النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [سبأ آية 128]. وقال صلى الله عليه وسلم: (وبُعِثتُ إلى الناس كافة) أخرجه الإمام مسلم، فمَن آمن فهو من أمـة الإجـابة، ومَن لم يؤمن فهو مِن أمة الدَّعوة.
وذهب كثير من العلماء إلى أن الافتراق سيكون في أمة الدعوة، أي الذين لم يدخلوا في الإسلام وبقوا على كفرهم، وبناءً على هذا القول: فليس بين المسلمين جماعة وفرقة ناجية على حساب الجماعات الأخرى، بل كلهم ناجون بإذن الله تعالى، وأمة الإجابة هم الذين نطقوا بالشهادتين ودخلوا في الإسلام، وهم الغالبية العظمى والسَّواد الأعظم من المسلمين، فإذا حصل الافتراق فيما بينهم فالهالك منهم من خرج من الملَّة بمكفِّر مجمع عليه، كأن يُنْكِر ويَكْفُر برُكنٍ من أركان الإسلام أو الإيمان،كحال كثير من الفرق التي تدعي نسبتها للإسلام، مع إتيـانهم بمكفّر مجمـع عليه، والقـائلين بحلول الإله في الأشخاص، فهؤلاء قـد يزيدون على السبعين، ومع ادعـاء نسبتهم للإسلام فهم كفرة بالإجماع، كما نصَّت على ذلك قرارات المجامع الفقهية المعاصرة التابعة لرابطة العالم الإسلامي، لأنه ثبت عن هؤلاء الكفر ببعض أركان الإيمان والإسلام، وردّ غالبها عند الكثيرين منهم، وهم يشكلون قلَّة من بين المحسوبين على الأمة، وما عداهم فالمسلمون يشكلون الغـالبية العظمى، وكلهم مؤمنون موحِّدون موعُودون بدخُول الجنة بالنصوص القطعية الثابتة المتواترة.
السؤال الثاني: قوله صلى الله عليه وسلم: (كلهم في النار إلا واحدة) هل هؤلاء في النار مخلَّدون؟ أم يدخلونها ثم يخرجون؟
الإجابة: إذا قلنا بالقول الأول بأنهم مخلَّدون في النار، فهذا ينطبق على الكفَّار الذين لم يدخل الإيمان قلوبهم، لأنه لا يخلَّد في النار إلا مشرِك بالإجماع، لقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [ النساء آية: 48].وإذا كان الأمر كذلك فكيف يجوز أن نقتطع من جسم الأمة الإسلامية الضخم الهائل جماعة توصَف بأنها هي الفرقة الناجية من الخلود في النار فقط؟ وأما باقي المسلمين حسب زعمهم وافترائهم فهم مخلَّدون في النار، مع أنهم ينطقون بالشهادتين والرسول صلى الله عليه وسلم قد حكم على هؤلاء بأنهم من أهل الجنة ومن الناجين. فقد جاء في صحيح البخاري حديث رقم (44) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير).وفي البخاري أيضاً حديث (7072): (يقول الله تعالى: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها (أي من النار) مَن قال لا إله إلا الله). وجاء في صحيح ابن خزيمة حديث رقـم: (1231) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن قال لا إله إلا الله دخل الجنة). وفي صحيح ابن حبــان حديث رقــم (169) عن أبي ذر رضي الله عنه قـال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قال لا إله إلا الله دخل الجنة، فقلتُ: يا رسول الله وإن زنى وإن سرق؟ قال صلى الله عليه وسلم وإن زنى وإن سرق). وفي مستدرك الحاكم حديث رقم (7638) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ووجبت له الجنة) وأخرج ابن حبان في صحيحه حديث رقم (3004) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإنه من كان آخر كلمته لا إله إلا الله عند الموت، دخل الجنة وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه). وأخرج نحوه الحاكم في المستدرك حديث رقم: (1299) وأبو داود في سننه حديث رقم: (3116) والترمذي في سننه حديث رقم: (977).
فأقول: بعد كل ما تقـدَّم كيف يصح أن نطلق على النَّاطقين بلا إله إلا الله محمد رسول الله بأنهم مخلَّدون في النار؟ لأنهم ليسوا من الفرقـة النـاجية، حسب زعم الزاعمين؟ سبحانك هذا ضلال مبين، وردٌّ صريح للأحاديث الصحيحة، وتكذيب بمتواتر الأخبار، إنه خطر ما بعده خطر.وإذا قلنا: إن معنى حديث: (كلهم في النار إلا واحدة)، بمعنى: أنهم يدخلون ثم يخرجون منها، فأقول: كيف عرف هؤلاء الذين يطلقون على أنفسهم أنهم الفرقة الناجية مِن دون المسلمين أجمعين، كيف عرفوا أنهم لن يعذِّبهم الله؟ وأنهم سيدخلون الجنة بغير حساب؟ وهـذا لا يثبُت إلا بطريق الوحي؟ والوحي قد انقطع: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَـانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِين} [البقرة: 111 ] وربنا سبحانه وتعالى يقول: {وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْدًا فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 80] فإذا كان قول الله تعالى لليهود بهذه الشدة، مع العلم بأنهم لم يتعرَّضوا لمصير غيرهم، بل جلُّ خطئهم أنهم حكموا على أنفسهم بأنهم سيخرجون من النار بعد مدَّة وجيزة من غير إعلام الله لهم بذلك، فكيف سيكون حال من حكم على نفسه بدخول الجنة؟ وعلى غيره من الموحِّدين المؤمنين الناطقين بالشهادتين بأنهم من أهل النار بسبب ذنوبهم؟مع العلم أن الذنوب مهما عظُمت وبلغت فإن مآلها وأمرها إلى الله تعالى، فقد أخرج الحاكم في المستدرك حديث رقم (1937) وصححه، وابن حبان في صحيحه حديث رقم (225) عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يُصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر لـه تسع وتسعون سِجِلاً، كل سِجِلٍّ مـد البصر، ثم يُقـال لـه: أتنكر من هذا شيئاً ؟ فيقول: لا يا رب، فيقول: ألك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يارب، فيقول: بلى إن لك عندنا حسنات، وإنه لا ظلم عليك، فيخرج له بطـاقة فيها: (أشهد أن لاإله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله) فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السِجِلات؟ فيقول: إنك لا تُظلم، قال: فتُوضَع السجلات في كفة، والبطاقة في كفة، فطاشت السجلات وثقلت البطاقة) وأخرجه الترمذي في سننه وحسَّنه حديث رقم (2639) وابن ماجه في سننه رقم (4300) وأحمد في المســند حديث رقم (6994).
فكيف يجوز لنا بعد هذا الحديث العظيم، الذي يفتح الأمل للمذنبين والمقصرين، أن نحكم على الخطاءين بأنهم من أهل النار، دون إعلام من الله لنا؟ وربنا سبحانه وتعالى جعل الناس يوم القيامة فريقين، فريقاً في الجنة وفريقاً في السعير، فأما أصحاب الجنة فهم المسلمون وهم ثلاثة أصناف، قــال تعالى {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ، وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإذْنِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِير، جَنَّاتُ عَدْن ٍ يَدْخُلُونَهَا} ثم بين ربنا سبحانه وتعالى حالَ غيرِ المسلمين فقال {والَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمُ} إذاً فليس في القيامة إلا مسلم له الجنة، أو كافر له نار جهنم، قال ابن كثير: قال ابن عباس رضي الله عنهما- مبيناً أحوال المسلمين يوم القيامة على ضوء هذه الآية (السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب، والمقتصد يدخل الجنة برحمة الله، والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم) تفسير ابن كثير(3/556)
ولذلك نجد الإمام القرطبي يذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلـم لما قـرأ الآية {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ} قال كلهم في الجنة، وقرأ عمر هذه الآية ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلــم (سابقنا سابق، ومقتصدنا ناجٍ، وظالمنا مغفور له) تفسير القرطبي (14/346) وجاء فيه أيضاً: وقيل قدَّمَ الظالمَ لئلا يـيأس من رحمة الله، وأخَّر السابقَ لئلا يعجب بعمله، وقال جعفر الصادق بن محمد بن علي رضي الله عنه: قدَّم الظالم ليُخْبِرَ أنه لا يُتقرَّب إليه إلا بِصِرْفِ رحمته وكرمه، وأن الظلم لا يؤثر في الاصطفائية إذا كانت ثَـمَّ عناية، ثُمَّ ثنَّى بالمقتصدين لأنهم بين الخوف والرجاء، ثم ختم بالسابقين لئلا يأمن أحد مكر الله تعالى، وكلهم في الجنة بحرمـة كلمة الإخلاص لا إله إلا الله، محمد رســول الله تفسير القرطبي: ( 14/349)
وروى الإمام الثعالبي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: هذه الأمة يوم القيامة ثلاثة أثلاث: ثلث يدخلون الجنة بغير حساب، وثلث يحاسبون حساباً يسيراً، وثلث يجيئون بذنوب عظام، فيقول الله عز وجل: ما هؤلاء ؟ وهو أعلم بهم فتقول الملائكة: هم مذنبون إلا أنـــــهم لم يشركوا، فيقــول الله عز وجل: أدخلوهم في سعـة رحمتي. وروى الإمام الثعالبي أيضاً عن أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه أنه قال (أَكْـِرمْ المؤمنين وإن كانوا عصاةً فاسقين، ومُرْهُمْ بالمعروف، وانههم عن المنكر، واهجرهم رحمةً بهم لا تَعَزُّزاً عليهم، فلو كُشِفَ عن نور المؤمن العاصي لطبَّق السماءَ والأرضَ، فما ظنك بنور المؤمن المطيع، ويكفيك في تعظيم المؤمنين، وإن كانوا عن الله غافلين، قولُ رب العالـمين: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا} فانظر كيف أثبت لهم الاصطفاء مع وجـود ظلمهم ) ا.هـ تفسير الثعالـبي: (3/259).فكيف يجوز لمؤمن بعد هذا الكَمِّ الهائل، من الآثار والأحاديث في بيان سعة رحمة الله تعالى أن يُحَجِّرَ واسعا، ويَقْطَع على مسلم بدخول النار بسبب ذنب ارتكبه، دون أن يُحِيلَ عِلْمَ ذلك إلى الله تعالى.
إن نظرة أدعياء الفرقة الناجية تضيق في نهاية الأمر إلى درجة تصل بهم إلى الاعتقاد بأنفسهم بأنهم هم وحدهم الفرقة الناجية من دون المسلمين أجمعين، وبهم تنحصر فقط، ولا تمتد إلى أي مدرسة أو مذهب إسلامي آخر، فالجميع عند هذه الجماعة في النار بكل تأكيد، ولن ينجو منهم أحد، ولن يدخل الجنة أحد سواهم، مهما بلغ من التقوى والعبادة والعلم والعمل، وبناءً على سوء الفهم هذا لحديث افتـراق الأمـة، فإن المسلمين الحقيقيِّين هم فقط ما يساوي نسبة ( 1/73) من تعداد المسلمين في كل العصور والدهور. أو نسبـــة مئوية (1.3%) من مجموع المسلمين، ويميلون إلى القول بهذه النتيجة وذلك عائد إلى شعورهم بأنهم أقلية أمام أغلبية لا تؤمن بدعوتهم وادعاءاتهم، ولا تقيم وزناً للمعايير التي يقيسون بها أحكامهم ووجهة نظرهم المعوجة، ونظراً لكون المستثمرين لشعار الفرقة الناجية قلَّة تحصَّنوا بـحديث افتراق الأمة، وقد رأى القارئ بأن حديث افتراق الأمة لا يسعفهم بحال البتة، وقد يستدلون على صحة ادعاآتهم بأقليتهم وأن الحق دائماً مع القلة، قال تعالى: {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} [ص آية 24] وقـال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ آية 13 ] وقال تعالى عن الكثـرة: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: 106 ] أقول: إن القلَّة هنا نسبية، وهي إما على العموم، ومعنى ذلك أن المسلمين دائماً قلَّة أمام الكثرة الكافرة، أو على الخصُوص ومعناه: أن الخُلَّص المستقيمين من الأمـة أقل من المسلمين غير المستقيمين وغير الملتزمين التزاماً كاملاً، ولكن الكل، ومسلم، وموحِّد، ومن أهل الجنة بإذن الله تعالى.
وأما الحديث عن الكثرة فكما ذكرنا أن الكفار أكثر من المؤمنين في غالب العصور.وأما تنـزيل آية {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: 106] على الأمة الإسلامية ففيه مخالفة لجماهير المفسرين الذين قالوا: إنها نزلت في عبدة الكواكب والأوثان واليهود والنصارى، وحملها على المسلمين خطر جسيم، وتكفير للأمة، وصدق ابن عمر رضي الله عنهما لما تحدَّث عمن يمرق مِن الدِّين فقال عنهم: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين، وكان يراهم شرار خلق الله.(صحيح البخاري، عند الحديث رقم(6531). ولقد ذكر زينو في (منهاج فرقته الناجية)- من دون المسلمين أجمعين- سؤالاً: هل يُوجَد في هذه الأمة شرك؟ ثم قال: نعم، واستدل بقوله تعالى: آية {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} سبحانك هذا بهتان عظيم،واستدلال باطل وفاسد.
والنتيجـة: التي نتوصَّل إليها من خلال هـذه الكلمات الموجزة، هي أن نعتقد أن الأمر الذي يجب أن ندين الله به، هو القول بنجاة المسلمين كلهم من النار، مع اختلاف مذاهبهم ومشاربهم واتجاهاتهم، من حيث الخلود فيها، وأما بالنسبة للنجاة منها وعدم دخلوها أبداً فمرده إلى الله سبحانه وتعالى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الناطقين بلا إله إلا الله محمد رسول الله، مسلمين موحدِّين نـاجين بإذن الله تعـالى، مهما اختلفت وجهات النظر فيما بينهم في المسائل الفرعية، ومهما تعدَّدت مذاهبهم ومشاربهم بشرط أن لا يأتوا بأمر مكفر مجمع عليه، وأرجو أن يكون هذا الشَّرط متوفراً عند الجميع بإذن الله تعالى، وما ذلك على الله بعزيز.
تـُبَـيِّــنُ بالأدلة الواضحة، والبراهين الدامغة، أن الفرقـة الناجية هم: أهل (لا إله إلا الله) قاطبة، وتُبَيِّنُ هذه الرسالة أنه لا يجوز القَطْعُ على مسلم بدخول النار، ولا القَطْعُ له بدخول الجنة بغير حساب، وتـُبَيـِّن خَطَرَ التطرف الفكري على حياة الأفراد والشعوب، والمراحل التي يمر بها هذا التطرف، وأعطت هذه الرسالة جواباً لاستفسارات السائلين : لماذا هذه التفجيرات الدموية الواقعة في بلاد المسلمين ؟ وعلى المسلمين ؟ ومن المسلمين ؟ والجواب هو: أن هذا التفجير ما هو إلا ثمرة من ثمرات التكفير.
والحمد لله رب العالمين،حمداً خالداً مع خلوده، وله الحمد حمداً لا منتهى له دون مشيئته وعلمه، ولا جزاء له إلا رضاه، وله الحمد في كل طرفة عين وتنفس نَفْس،ٍ وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله، عدد خلق الله، ورضى نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، في كل نَفَسٍ ولمحة وطرفة يطرف بها أهل السموات والأرض ./ انتهى
أشير في النهاية بأن هذا الملخص ليس صاحب المدونة هو الذي قام بتحريره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق